الازمة المالية والمصرفية العالمية تتعمق
بدأ النصف الثاني من العام الحالي بتوسع الاضطراب في الاسواق المالية واسواق السلع العالمية ومؤشرات اقتصادية سلبية من كافة انحاء العالم.
وكما توقع كثيرون من قبل، لا يبدو ان الازمة الاقتصادية العالمية قد وصلت الى اسوأ حالاتها بعد.
ولم يكن تدخل السلطات الفيدرالية الامريكية لانقاذ بنك انديماك للاقراض العقاري من الافلاس الا حلقة جديدة من حلقات مسلسل التدهور المالي العالمي، لا يتوقع ان تكون الاخيرة.
وتزامنت ازمة انديماك، وهو من اكبر البنوك التي تقدم القروض العقارية في امريكا، مع ازمة مؤسستين ماليتين امريكيتين تعملان في سوق القروض العقارية هما فريدي ماك وفاني ماي، تمولان نحو نصف القروض العقارية في السوق الامريكي.
مشكلة الاقتصاد الامريكي هي لب مشكلة الاقتصاد العالمي
كل ذلك جاء على خلفية تراجع مؤشرات الاسهم الرئيسية في اسواق المال العالمية، اضافة الى انخفاض سعر العملة الامريكية الدولار.
ودفع ذلك بالمزيد من المضاربات في اسواق السلع، الثمينة والبسيطة، فارتفعت اسعار النفط والذهب والمنتجات الزراعية والمواد الغذائية.
وتجاهد البنوك المركزية وسلطات النقد والسياسات المالية في اغلب دول العالم لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم في ظل استمرار التباطؤ الاقتصادي الى حد يقترب من الركود.
بانتظار المزيد
يرى عدد من المحللين ان ابعاد الازمة المالية والاقتصادية العالمية لم تتضح كاملة بعد، وان هناك اخبار سيئة اخرى في الطريق.
يقول المصرفي والاستثماري العربي في لندن حميد حسين ان العام الجاري قد يكون عاما فاصلا، وقد نشهد تطورات في نهايته.
ويضيف: "نرى ان مشكلة القطاع العقاري الامريكي لم تنته بعد، كما اننا شهدنا فقط ازمة القروض العقارية الرديئة ولا تزال هناك مشكلة القروض الشخصية والديون على بطاقات الائتمان".
ويرى حميد حسين ان الاسوأ ربما لم يأت بعد ويقول: "نحن الان في دائرة الركود وربما تنهار اسعار الاسهم اكثر في الفترة المقبلة".
واذا كانت الارقام الرسمية والمؤشرات غير ايجابية في انحاء شتى من العالم من اوروبا الى اسيا، لكن تظل مشكلة الاقتصاد الامريكي هي لب مشكلة الاقتصاد العالمي.
يقول المحرر الاقتصادي لصحيفة الحياة رفله خرياطي ان الازمة المالية العالمية لم تقترب من نهايتها بسبب مشاكل الاقتصاد الامريكي.
ويضيف: "الاسباب معروفة ولم تتغير، وهي بالاساس ضعف الاقتصاد الامريكي المتزامن مع الانفاق غير المحدود هذا الى جانب التوتر الدولي الذي يزيد الضغط على اسعار النفط".
ويرى رفله خرياطي ان استمرار ارتفاع اسعار الطاقة والغذاء وعدم استقرار الاسواق يجعل نهاية الازمة ابعد.
اموال الاثرياء
في وقت الاضطراب الشديد هذا يبرز دور الفوائض النقدية لدى الدول النفطية والاقتصادات الصاعدة الى جانب صناديق الاستثمار الخاصة.
وبدأت تلك الفوائض والاستثمارات تدخل الى الاسواق مستفيدة من التراجع الحالي في قيمة الاسهم والاصول، لكن الى اي مدى يمكن ان تخفف من وقع الازمة؟
يقول رفله خرياطي: "ليس بالقدر الكبير، فهؤلاء يسعون بالاساس لتخفيف خسائرهم والمحافظة على استثماراتهم الخارجية، كما انهم ربما كانوا مجبرين على ضخ تلك الاستثمارات".
حسب تقرير اخير لمعهد ماكنزي جلوبال تضم هذه الاطراف الحكومات الآسيوية والدول المصدرة للنفط وصناديق الاسهم الخاصة وصناديق التحوط، والتي يمكن ان ترتفع ثروتها المجمعة من 11.5 تريليون دولار نهاية 2007 الى 21 تريليونا في 2013 و31 تريليون دولار في نهايات العقد الثاني.
ويعتقد معدو التقرير بأن صناديق الاسهم الخاصة تدير تريليون دولار تقريبا اضافة الى 1.9 تريليون دولار لدى صناديق التحوط، وهي بين اللاعبين الاساسيين في ادارة الثروات الخاصة في عالم المال.
لكن تلك الاستثمارات، وان خففت من حدة الازمة بعض الشيء، لا تستطيع حلها.
وكما يقول حميد حسين: "بالنسبة لفوائض اسعار النفط وفوائض التبادل التجاري لدى دول اسيا فلا تستطيع حل الازمة اذ ان المشكلة الاساسية هي في اكبر اقتصاد في العالم في امريكا، وما ان تتغلب امريكا على مشكلاتها يتحسن الوضع في بقية انحاء العالم".
تغير هيكلي
يرى بعض الاقتصاديين ان الازمة العالمية الحالية، وان جاءت في سياق تغير للدورة الاقتصادية من النمو الى التباطؤ الا انها قد تكون اعمق.
ويسود اعتقاد لدى هؤلاء بان الازمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي الان قد تؤدي الى تغيرات هيكلية كبيرة.
يشير رفله خرياطي الى تراجع العملة الامريكية كمقياس عالمي للقيمة وبروز عملة جديدة كاليورو الاوروبي مثلا.
ويشدد على الحاجة الى "تحسين التوازنات بين القوى المالية الجديدة والقوى الاقتصادية التقليدية".
اما حميد حسين فيرى ان هناك تغيرا جذريا يحدث بالفعل ويضيف: "كل شيء يتغير من السيارات الى الملابس وسيكون على المصنعين التخلص مما في مخازنهم والاستثمار في سلع جديدة ما يعني المزيد من البطالة التي تضر بالصورة الاقتصادية كذلك".
ويبقى الجميع بانتظار نتائج الربعين الثالث والاخير من هذا العام وبيانات الشركات خاصة في القطاع المصرفي وما يمكن ان تشير اليه من عمق الازمة المالية والاقتصادية العالمية.
الثلاثاء يونيو 14, 2011 5:35 pm من طرف Admin
